ليس هناك من شك أن الكثير منا لم يستطع هذه الأيام استيعاب جريمة الجماعة الإرهابية الأخيرة التي أسقطت ما يزيد على 90 مسلماً بريئاً، ولم يستطع أكثر فهم جرأتهم على تبني هذا العمل الذي تنئ الأسماع والأبصار حتى عن مجرد الاستماع له والتفرج عنه لفظاعته، فما بالك بتبنيه والتفاخر به، هذا الحالة من الاستغراب وصعوبة الاستيعاب اعترت علماء سلفنا الصالح حين كانت تصلهم أخبار شنائع وجرائم الخوارج، فهذا ابن كثير يعبر عن حيرتهم من وجود أمثال هؤلاء ومن منطقهم الذي يفكرون به، قائلا: ” وهذا الضَّرْب من الناس من أغرب أشكال بني آدم، فسبحان من نوَّع خلقه كما أراد، وسبق في قدره العظيم. وما أحسن ما قال بعض السلف في الخوارج إنهم المذكورون في قوله تعالى: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً” (ابن كثير: البداية والنهاية)