كشفت دراسة ميدانية حديثة حول واقع التعايش الاجتماعي في المملكة عن استعداد السعوديين للتعايش في ظل التنوع المذهبي، إضافة إلى قدرتهم على الانسجام في التعاملات الاقتصادية والاجتماعية.
الدراسة أجرتها إدارة الدراسات والبحوث بمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني تحت عنوان: “التعايش في المجتمع السعودي”.
وأكدت نتائج الدراسة الاستعداد العالي لعينة البحث لبناء علاقة تعايش وتواصل مع الآخر المختلف مذهبيًا، حيث أشار 95% منهم إلى أنهم يحبون الخير للجميع بغض النظر عن دينهم أو مذهبهم، فيما أكد 95% أنهم يحترمون الوفاء بالوعود والعهود والمواثيق مع الآخر المختلف معهم مذهبيًا، في حين لفت 88% إلى أنهم يتعامون بطريقة إيجابية مع الآخر مهما اختلف معهم في وجهات النظر، بينما قال 90% إنهم يحاولون الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يثير الضغائن بينهم وبين المختلف معهم مذهبيًا، فيما أبدى 84% تقبلهم لأن يكون زملاؤهم في العمل على غير مذهبهم.
حرية اعتناق المذهب
وفي شأن الاعتراف بالآخر المختلف مذهبيًا، أقر 82% بحرية الآخر في اعتناق المذهب الذي يختاره دون إكراه، فيما أكد 61% أنهم لا يمانعون من وجود أماكن للعبادة للمختلف معهم مذهبيًا، وفيما يخص العلاقات الاجتماعية من مجاورة وتزاوج ومصاهرة مع الآخر، أكد77% عدم ممانعتهم من السكن في عمارة يكون أحد جيرانهم فيها على غير مذهبهم، فيما رفض 55% مصاهرة الآخر المختلف معهم مذهبيًا.
أما فيما يتعلق بالتواصل الاجتماعي مع الآخر المختلف مذهبياً، فقد أكد 91% من عينة البحث سعيهم إلى نشر ثقافة التسامح مع الآخر، بينما يرى 84% أهمية إقامة العلاقات مع الآخر على أساس قاعدة المواطنة والسلم الأهلي في حين أبدى 76% استعدادهم للتحاور مع المختلف معهم مذهبيًا وتبادل الآراء معه.
وفيما يتعلق بالمعتقدات المذهبية، أكد 81% أنهم ينظرون إلى معتقدات الآخرين على أنها خصوصية ثقافية، فيما قال 72% إنهم يحترمون عقيدة الآخر ولا يمانعون في ممارسة حقه في العبادة في الأماكن العامة.
تبادل المنافع
وفي شأن العلاقات الاقتصادية من بيع وشراء ومشاركة في المشروعات، قال 86% من عينة البحث إنهم يتعاونون مع الآخر المختلف عنهم مذهبيًا لتبادل المنافع الاقتصادية والبيع والشراء، فيما أبدى 77% عدم ممانعتهم من توظيف شخص على غير مذهبهم في شركاتهم الخاصة، بينما قال 74% إنهم لا يمانعون من إعطاء الزكاة والصدقات للمحتاجين بغض النظر عن مذهبهم.
أما بالنسبة لمظاهر التعايش في المناهج التربوية، فقد أكد 82% عدم ترددهم في التعامل الفكري مع الآخر من خلال اللقاءات العلمية والإنجاز العلمي المشترك، في حين يرى 64% أن المناهج التربوية تعمل على غرس روح التعايش والتسامح في الأجيال الناشئة.
وفي شأن وسائل الإعلام وأثرها في تعزيز قيم التعايش، يرى 78% من عينة البحث أن بعض البرامج الإعلامية أسهمت في زرع الفتن بين أصحاب المذاهب المختلفة.
مساعدة الآخر وتقديم العون
أما بالنسبة للجمعيات والأعمال الخيرية والإنسانية وأثرها في التعايش الاجتماعي والتسامح، فقد أكد 96% من عينة البحث أنهم لا يترددون في مساعدة المختلف معهم مذهبيًا في الحالات الطارئة مثل الحوادث والحرائق، بينما أبدى91% عدم ممانعتهم من تقديم المساعدة إلى المختلف معهم مذهبيًا، فيما قال 82% إنهم لا يترددون في تقديم العون المالي إلى المحتاج من غير مذهبهم.
وخلصت الدراسة إلى عدد من التوصيات أهمها ضرورة توعية المجتمع وتثقيفه بأهمية التعايش، وذلك من خلال تكاتف وتضافر جميع مؤسسات المجتمع، والتي يقع على عاتقها دورٌ مهمٌ في تعزيز التعايش؛ فالتعايش لا يمكن أن يتحقق بعيداً عن منظومة مؤسساتية متكاملة قادرة على إدارته بشكل إيجابي.
كما نوهت الدراسة إلى أهمية تضمين مناهج التعليم لمفاهيم تؤسس للتنوع الفكري والاجتماعي بما يضمن تكوين جيل متعايش ومتسامح. كما شددت الدراسة على ضرورة اضطلاع الإعلام بدوره في تحقيق وتعزيز تعايش أفراد المجتمع بعضهم مع بعض، من خلال ما يُقدَّم عبر القنوات الإعلامية المختلفة.
4 مناطق جغرافية ونسبة الذكور والإناث
وكانت الدراسة استهدفت أربع مناطق جغرافية هي: المنطقة الشرقية (الدمام، والهفوف، والمبرز، والخبر)، والمدينة المنورة، ومكة المكرمة، إضافة إلى نجران، وبلغ حجم عينة الدراسة 3140 مبحوثًا (ذكور وإناث) ممن تجاوزت أعمارهم 18 عامًا، وبلغت نسبة الذكور77%، في مقابل23% للنساء، وقد شارك في الدراسة (114) باحثا ميدانيا أجروا مقابلات في (59) حيا سكنيا.