حرص السلف الصالح على الاستنان بسنة المصطفى في احترام عهد أهل الذمة والمعاهدين من غير المسلمين، لذا تكرر في تاريخنا اعتراض العلماء والفقهاء على السياسيين الذين تحركهم روح السياسة بعيدًا عن روح الإسلام، فقد اعترض الفقهاء في زمن الدولة العباسية على مهاجمة قبرص أيام المهدي والرشيد على رغم الشكوك في تعاونهم مع البيزنطيين، وحرصوا على احترام عهد الصلح الذي أبرمه الأمويون معهم، كما اعترضوا على مهاجمة النوبة للاتفاق الذي كان بين النوبيين المسيحيين والمسلمين من الفتوحات الأولى، حفظاً للأمن والوئام، وسعياً لترسيخ قيم التعايش التي تأسست لأجلها الحضارة الإسلامية.